السمنة هل من علاج

1 min read

السمنة هل من علاج؟
إذا نظرنا للعالم حولنا ورأینا اھتمام الناس عموما في أمور الصحة والأمراض ستجد ان ذلك لا یعتمد على اسس علمیة بحتة ، فانظر إلى الأمراض المھمة والخطیرة التي یسعى المشاھیر من أھل الخیر والعطاء
الإھتمام بھا تجد ان التوجھ إلیھا نابع عن “محبة” الإعلام والصحف لھا اكثر من أھمیتھا للمجتمع .
فھل مثلاً مرض الإیدز اخطر من إسھال الأطفال في الدول النامیة ؟ وھل أمراض السرطان أھم من مرض
ارتفاع ضغط الدم وقس على ذلك الكثیر. فلو كنت مسؤولاً أو “ذو” مركز بارز في المجتمع فلن تقدم لا شھرتك
ولا مالك لأن ترأس جمعیة لمحاربة إسھال الأطفال مثلاً مع أنھ من أھم – أن لم یكن أھم – مرض یقضى علىحیاة الأطفال في العالم ولكن إذا كان المرض لامعا فقد تستحب الدعم لھ . وللأسف الشدید ھذا الأمر لاینطبق
فقط على المشاھیر من محبى الخیر وإنما أیض ا على المسؤولین في مواقع قیادیة صحیة في جمیع أرجاء
المعمورة ربما كان ھذا بسبب ضغوط الإعلام. ھذا الكلام مقدمة لموضوع السمنة .
من سیكون رئیس الجمعیة ومن سیكون الداعم لھا؟ ھنا تبدأ المشكلة .
انھ مرض غریب جداً، منتشر ومتزاید عاما بعد عام في كل العالم وخاصة لدینا ) 36 في المائة من
السعودیین( .
ولكن الإھتمام بھ غالبا ما یكون لأسباب جمالیة ومن صائدي الغنائم في مراكز التخسیس وخبراء التغذیة
ومخترعي وصفات التخسیس والقلة ھي من الجھات الرسمیة المسؤولة .
وھو مرض ، نعم مرض ولیس حالة غیر مرضیة – أو ان شوي صحتھ زایدة – وصعب التخلص منھ ،
لأن ذلك یتطلب اسلوب حیاة آخر وثورة قویة في العادات وفي النشاط والتغذیة والتفكیر في اسلوب حیاتنا .
ونجاح المصاب في السیطرة علیھ والتخلص منھ مخیب للآمال كثیر اً .
ولذا في البدایة لا بد ان نسلك طریق ا آخراً أكثر فعالیة فلا الحمیة ناجحة ولا الأدویة الموصوفة للتخسیس
بناجحة ، والعملیات الجراحیة المكلفة مادی ا كثیرة المضاعفات.

فما ھو الحل ؟
سؤال صعب جداً ولم أقابل في عمري اصعب على مرضاي من امر السمنة . بالنسبة للأفراد طبعا الواجب ھو
الإھتمام بالحمیة والنشاط الریاضي الخ ولكن كمجتمع فشلنا ولن ننجح في المستقبل إذا سرنا في نفس الطریق
كما فعلنا في الخمسین سنة الماضیة – بدون أیة علامة للتقدم وإنما زیادة مستمرة في اعداد المصابین بمرض السمنة في انحاء الأرض.
والحل ؟ لا بد أن نبدأ من سن الرضاعة والروضة والمدرسة الإبتدائیة ویشمل سن القوانین الصارمة والجادة
لتقلیل الدھون في الأكل والسكریات في المشروبات والطعام ، وتخطیط المدن لشوارع تشجع على المشي
وھذا أمر یحتاج إلى قرارات شجاعة وحازمة في كل المجالات .
لماذا كل ھذا الكلام ولماذا تھتم في موضوع السمنة؟ – سوف أترك التعریف بما ھي السمنة ، لأن الجمیع
یعرفونھا – وسوف لن أتطرق للأمور العلمیة المعقدة عن اسبابھا وسوف اركز على أھمیتھا كمشكلة صحیة :
إن انتشار الأمراض التي تسببھا السمنة یزداد عاما بعد عام ویكلف صحة الملایین ویكلف المجتمع طاقات
ھائلة تضییع بدون عائد .
ھناك علاقة بین السمنة وبین ارتفاع ضغط الدم الذي یصیب واحداً من خمسة من السعودیین البالغین والذي 4 أصاب حتى الشباب الیافعین والأطفال ، وامكانیة تقلیل ضغط الدم بتنزیل الوزن الزائد معروفة ولا تحتاج
الشرح الكثیر ونفس الشئ ینطبق على مرض السكري الذي ینتشر بصورة مخیفة في مجتمعنا .
والسبب لیس الأكل المستورد أو وجود الھرمونات في الطعام الخ . ھذه الأمور التي نسمعھا في المجالس
دائما ، بل ان السبب ھو زیادة الأكل عن حاجتنا وقلة الحركة – او على الأصح – كسل المجتمع مع كثرة
وسائل التنقل وصعوبة السیر في شوارعنا .
ومن ھذا المنطلق أي ان السمنة تؤدي لأمراض أخرى كارتفاع ضغط الدم والسكري وزیادة الكلوسترول
في الدم و انقطا ع التنفس خلال النوم. وھذه تؤدي كلھا لأمراض الأوعیة الدمویة وجلطات القلب والمخ
وعدة امراض اخرى .
وان كنت تحب ان تعرف بعض الحقائق عن السمنة فواصل القراءة :
– السمنة وراء وفاة 6،2 ملیون شخص في العالم سنوی ا
– كیف تعرف ھل وصلت إلى مرحلة السمنة ؟
– الیوم یعیش في العالم الف ملیون شخص یعانون من السمنة وسوف یرتفع ھذا الرقم إلى 1500 ملیون بعد
سنوات قلیلة .
– إن سن الطفولة یحدد مستقبل السمنة في القرن الواحد والعشرین ومستقبل بقیة الأمراض الناتجة عنھا
كارتفاع
ضغط الدم والسكري، وھناك 42 ملیون طفل أعمارھم اقل من خمس سنوات مصابون بالسمنة. وفي العالم
المتقدم تعدت السمنة التدخین كسبب للوفاة أما في العالم الثالث فقد تعدت السمنة المجاعات في اسباب الوفاة .
– ھناك بالطبع اسباب وراثیة عند بعض الناس للسمنة ولكن السبب المباشر ھو عدم التوازن بین ما نتعاطاه
من
السعرات الحراریة وما نستھلكھ .
كیف نغیر من اسلوب الحیاة لمحاربة السمنة وارتفاع ضغط الدم :
-1 تقلیل الدھون والزیوت بجمیع انواعھا حتى النباتیة في الغذاء
-2 تناول الفاكھة والخضروات بدلاً عن السكریات
-3 استعمال القمح والرز الغیر مقشر )الكامل الحبھ(
-4 الإقلال من تناول السكر بكل اشكالھ في المأكل والمشرب
-5 الإقلال من ملح الطعام
-6 المشي لمدة نصف ساعة یومی ا وكما ترون ان كل ھذا صعب التمسك بھ ان لم تشارك فیھ كل جھات المجتمع من الأسرة إلى المدارس الى
الدوائر الحكومیة والمطاعم ومصانع الغذاء والبلدیات. وھذا من الصعوبة بمكان ، فكم احتجنا في الخمسین
سنة
الماضیة من جھد مضاعف على جمیع الأصعدة لكي نمنع التدخین في المكاتب والمطارات والمطاعم ، وكم كان
ذلك وما زال یحارب. ان امامنا مشروع كبیر ومعقد وغیر محبوب ولا یحرك المشاعر. وھذا قد یكون سبب
فشلنا… كان لله في عوننا ..
. د. عثمان الفریح
استشاري الأمراض الباطنیة وأمراض الكلى
مستشفي الملك فیصل التخصصي ومركز الأبحاث – الریاض

You May Also Like

More From Author

+ There are no comments

Add yours