ارتفاع ضغط الدم…الشائع والملتبس.!

1 min read

د. غالب الفرج

لماذا أتناول أدويةً لمرض لا أحسّ بوجوده لمجرد قراءة جهاز مرتفعة؟
مرض ارتفاع ضغط الدم هو غالباً من دون أعراض قياسية يمكن التعويل عليها في بداية المرض وفي بداية التشخيص، لذا من الشائع حصول توتر والتباس وإنكار عند بداية التشخيص بين طرفي الخدمة، المريض والطبيب، مما يجعل مهمة بداية رحلة التشخيص وبالتالي العلاج شائكة في أحيانٍ كثيرة ومليئة أحياناً بالصراع والتوتر كون الأمر متعلقاً فقط بارتفاع الارقام في قياس ضغط الدم ليس إلّا…معضلةٌ يواجهها معظم مرضى ارتفاع ضغط الدم مع الأطباء عندما يتم التشخيص لأول مرة.

الشق الأول من المشكلة هو أن المرض في بدايته يكون من غير أعراض ملموسة ،ولم يحدث بعد أي ضرر على أي عضو من أعضاء الجسم وأن كل الفحوص المخبرية الإشعاعية سليمة، بينما يحاول الطبيب جاهداً إقناع المريض بأن هناك مرضاً معتبراً يقطن أحشاءه ..

الشق الثاني من المشكلة يكمن في الاضطرار الى تغيير نمط الحياة (الرياضة والتغذية) من غير حافز واضح للمريض لعمل ذلك لانتفاء المرض الظاهر.

الشق الثالث من المشكلة هو وصف الطبيب في غالب الأحيان لأدوية نمى لعلم المريض أخبار بعض أضرارها الجانبية، ناهيك عن صعوبة الانتظام على تناولها يومياً وفي أوقات محددة ومدى الحياة غالباً، مقابل مرض هو فقط ارتفاع في مؤشرات جهاز قياس ضغط الدم..

الشق الرابع هو التعليمات والأوامر من الطبيب بعمل فحوصات متعددة دورية وسنوية ومراجعات منتظمة مع الطبيب مع المشقة في تنفيذها مقابل رقم مرتفع في جهاز قياس ضغط الدم ليس إلّا.

  الجدير بالذكر أن إنكار التشخيص Denial هي ظاهرة معروفة ومدروسة ومشهورة عند بداية تشخيص مرض كبير ومهم مثل ارتفاع ضغط الدم،وهي شائعة بين كافة طبقات المجتمع وقد تستمر لفترة طويلة بعد التشخيص، وعلى طرفي الخدمة الطبية التعامل معها بحكمة. 

 ابتداءً علينا أن نعترف بأن رعاية أي مرضٍ مزمنٍ مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري والسمنة وغيرها هو معضلة حقيقية بحد ذاتها لطرفي القضية، المريض والطبيب، الأمر الذي يستلزم تدشين علاقة مهنية بين الطبيب والمريض قائمة على الاحترافية والانفتاح والنقاش وتوضيح المعلومات وسماع الاطراف إلى بعضها البعض والاحترام والثقة والتفهم،كما توطيد شراكة بين الطرفين تتحدد فيه الأدوار لايكون فيه المريض مجرد مستمعٍ ينفذ الأوامر ..أمرٌ كهذا يحتاج إلى تطبيق تقنيات المقابلة التحفيزية Motivational Intrviewing من جانب المعالج، كما قيام المريض بدور العنصر النشط المشارك في كل مسارات العملية، التشخيص والعلاج والفحوصات والزيارات الدورية . 

في مناخٍ كهذا من الشراكة والعلاقة المهنية الوطيدة بين طرفي العملية يمكن أن تذلل كثيرٌ من الصعاب.

     معايرة الخدمات وتجويدها،كما توحيد معايير الرعاية والاتفاق على دليل موحد وطني لرعاية مرض ارتفاع ضعط الدم والأمراض المزمنة الأخرى هو أمر لا مناص من وجوده من أجل تقليل العقبات وتلافي تلقي رسائل متعارضة الى المريض من طبيب الى أخر .

     تقول ألوف الدراسات والأبحاث بأن مرض ارتفاع ضغط الدم مع أنه من غير اعراض معيارية في بداياته لكنه مشكلة صحية خطيرة ومتفاقمة ليس اولها ولا آخرها تدمير الأوعية الدموية للأعضاء المستهدفة وبالتالي إلحاق العطب بها مثل القلب والدماغ والعين والأطراف ، واستجلاب أمراض أخرى مصاحبة مثل السكري والسمنة واختلال دهون الدم والوفاة المبكرة ، حيث يمكن فقط تلافيها وتقليل مضاعفاتها الخطيرة الكثيرة فقط وحصراً بالتشخيص المبكر في بدايات المرض والتدخل المبكر جداً والمتابعة الدورية المستدامة... يجب ان يكون ذلك واضحاً وجلياً عند أطراف الخدمة ، المريض والمُعالج ومقدمي الخدمات الصحية والمخططين التنفيذيين، وليس من هناك طريق آخر من الممكن سلوكه... هذا ما اتفقت عليه آلاف الدراسات والأدلة العلمية في كل البلدان والقارات.

 عزيزي المريض بارتفاع ضغط الدم تداول هذا الأمر مع نفسك ومع طبيب الأسرة المعالج، دورك كشريك في الخدمة المقدمة لك قد يغير موازين الخدمة المقدمة إليك، بل قد تنجو غانماً مظفراً في هذه المحنة المُسماة ارتفاع ضغط الدم. 

ما أدراك أنه بتغيير نمط حياتك مع تغدية ورياضة ومكافحة الضغوط جراء المرض قد تطور حياتك إلى ذرىً جديدةٍ واعدةٍ أفضل من حالك قبل الإصابة بالمرض..لك كل العافية والتوفيق

You May Also Like

More From Author